RSS

Monthly Archives: February 2010

الفساد للركب

1- فساد نجلى رئيس الجمهورية

يشارك كل من علاء و جمال مبارك على سبيل الرشوة و البلطجة بحصص مجانية تتراوح من 25 الى 50 بالمائة فى رأس مال كبرى الشركات التجارية و الصناعية بمصر و كان من نتيجة ذلك أن هذة الشركات أصبح يتهددها خطر الافلاس و الانهيار وقد تم طرد نسبة كبيرة من العاملين بها مما أسهم فى زيادة نسبة البطالة و ارتفاع معدلات الكساد. و من هذة الشركات: مارلبورو(منصور) ، سكودا (شفيق جبر) ، العز (أحمد عز) ، دريم ( أحمد بهجت) ، اية أر تى (صالح كامل) ، فرست (كامل والخولى) ، موفينبيك ( حسين سالم) ، مترو (منصور) ، التجارى (الملوانى) ، فودافون (نصير) ، سيراميكا (أبو العنين) ، النساجون (خميس) ، موبينيل (ساويرس) و غيرها. و كان الأخوين مبارك قد فتحا خزائن البنوك على مصرعيها لشركائهما يغترفون منها ما شاءوا دون أى ضمانات و دون أى مساءلة من النيابة مثل غيرهم من مقترضى أموال البنوك بالرغم أن مديونيات شركاء ولدى الريس تعدت خمسين مليار جنية. هذا و يشارك كل من علاء و جمال بحصص مجانية مختلفة فى أعمال غير مشروعة مثل غسيل الأموال مع الشبوكشى و الشربتلى و صالح كامل و تهريب المخدرات مع أخوان منصور و أبناء عصمت السادات و تهريب الأثار مع زاهى حواس و كمال الشاذلى و الاتجار فى السلاح مع الخولى و سالم و غيرها

2- فساد زوجة رئيس الجمهورية

سوزان مبارك رئيسة للمئات من الجمعيات الخيرية منها الحقيقى و منها الوهمى الغرض منها غير خيرى بالمرة. فعلى سبيل المثال جمعيات سوزان لحماية الطفل لا تحمى أى طفل لان الطفل فى عهد زوجها يتم اغتصابة و تعذيبة جهارا نهارا فى أقسام الشرطة المتعين تغيير أسمها من أقسام الشرطة لتكون أفران الشرطة التى يعذب فيها المواطنين مثلما كان هتلر يعذب اليهود فى أفران أوشفيتس. ما هو اذن الغرض من كل هذة الجمعيات؟ تتلقى سوزان مبارك لانها زوجة رئيس الجمهورية تبرعات من كل دول العالم تبلغ فى المتوسط 5 ملايين دولار فى العام لكل جمعية ترأسها. فاذا عرفنا أن لسوزان أكثر من 50 جمعية رئيسية فان ذلك يعنى بأنها تتلقى تبرعات تبلغ 250 مليون دولار سنويا تذهب الى حساباتها السرية ببنوك سويسرا. و كانت سوزان وراء استصدار قرارا عسكريا فى عام 1992 يحظر على الجمعيات الأهلية تلقى أى تبرعات من الخارج و ذلك حتى تنفرد هى وولدها جمال بكل التبرعات الواردة من الخارج فجمال مثل أمة يهوى لعبة الجمعيات الوهمية و التبرعات و هو لدية عدد كبير من الجمعيات التى تتلقى الملايين كل عام منها جمعية المستقبل و جمعية أصدقاء المستقبل و غيرها

3- فساد رئيس الجمهورية

منذ اغتصابة للسلطة فى عام 81 يستصدر حسنى مبارك من مجلس الشعب قرارا دوريا لة قوة القانون بتفويضة بالتعاقد على الأسلحة التى قد تحتاجها مصر دون الرجوع الى المجلس. و هذا الاجراء الذى لا يوجد لة أى مثيل فى أى دولة أخرى فى العالم هو قمة الفساد بعينة فمبارك ينصب من نفسة تاجرا وحيدا للسلاح فى مصر يقرر وحدة نوع و كمية السلاح الذى تحتاجة مصر و يقرر أيضا الجهات التى يتعاقد معها و الأسعار التى يتعاقد بها كل ذلك دون حسيب أو رقيب أو معقب و كأن مصر بلد أمة. الا يجعل ذلك رئيس و أعضاء مجلس الشعب القابعين تحت القبة قوادين و مخنثين و خونة؟ الا يقول لسان حال مبارك و العالم أجمع أننا شعب خانع و جبان و أشياء أخرى لاننا نشاهد دون اعتراض هذا العور و الفجور؟
4- فساد الوزراء

هناك من الوزراء من يستغل نفوذة للاستيلاء على أرضى و ممتلكات الغير مثل يوسف والى ، و هناك من ينتهك و يتاجر هو و ولدية فى شرف و أعراض مرؤوسية من النسوة مثل صفوت الشريف ، و هناك من نصب على الشعب و باع لة بالمشاركة مع نجلى الريس تراب الصحراء و تلقوا عمولات و رشاوى بمئات الملايين مثل ابراهيم سليمان، و هناك من يتاجر فى المخدرات هو و ولدية بالمشاركة مع علاء و جمال مبارك مثل حسن الألفى ، و و هناك من يهرب و يتاجر فى الآثار و غيرها من الممنوعات مثل كمال الشاذلى ، و هناك من عبث و تلاعب بالبورصة بالمشاركة مع جمال و علاء مبارك و كسب البلايين الحرام من أموال صغار المستثمرين أمثال يوسف بطرس غالى و غيرهم و غيرهم. و الغريب أن حسنى مبارك لا يفعل شيئا لمحاسبتهم و كيف يفعل ذلك و هو أكبر حرامى بالبلد. حسنى مبارك أثناء اجتماع لة مع رجال القوات المسلحة فى مارس الماضى اشتكى لة عدد من الضباط الشبان من انتشار الفساد بالبلد و بأن الدولة لم تتخذ أى اجراء جدى لاقتلاع الفساد و لمحاسبة كبار الفاسدين. كان رد حسنى مبارك عليهم مفاجأة للجميع اذ قال انة يعلم أن الوزراء و كافة المسؤلين بالدولة حرامية الا انة استطرد بأنهم سرقوا و شبعوا و لذلك لا يستطيع تغييرهم لان أى مسؤل جديد سيسرق هو أيضا من جديد الأمر الذى سيشكل عبئا على ميزانية الدولة

5- فساد جهاز الشرطة

جنية الشرطة جبس لا يفك. رجال الشرطة يشترون لوازمهم و احتياجاتهم دون دفع ثمنها

كل سائح يدخل المحروسة يدفع 20 دولار أتاوة للبهوات ضباط شرطة الجوازات

كل سيارة أجرة ميكروباص فى مصر يمتلك حصة مجانية فيها ضابط شرطة

ضباط شرطة السياحة خربوا الفنادق التى من المفروض أنهم يحمونها، فهم و عائلاتهم و أصدقائهم يأكلون و يشربون مجانا بهذة الفنادق كما أن هناك ضباط يؤجرون لحسابهم غرف تلك الفنادق مجهزة بساقطات للسياح العرب لممارسة الأعمال المنافية للآداب

ادفع لكى تكتب محضر فى قسم الشرطة

ادفع لضابط أو أمين شرطة لكى يقلب حياة جارك أو خصمك جحيم

فى الليمان ادفع 10000جنية فى الليلة لكى تبيت فى فيلا بها تليفزيون و ماء ساخن

كل راقصة و فنانة و ساقطة يبتزها ضابط شرطة لكى يقيم معها علاقة و لكى تقوم بالصرف علية

ضباط الشرطة يسرقون نصف الأحراز و المضبوطات حتى لو كانت حشيش و كل ممتلكات الغير المخلفة من الزلازل و السيول و انهيار المساكن كما يسرقون مواد الاغاثة التى تصرف لضحاياها

القبول فى كلية الشرطة ب 25000 جنية

ادفع 50000 جنية لضابط جوازات ليحضر لك جواز سفر علية صورتك لكن باسم واحد تانى علشان تهرب من البلد

ضباط الشرطة بالأقسام يستولون على أموال و ساعات و التليفونات المحمولة الخاصة بالمحتجزين و منهم من يتلذذ بتعذيبهم و آخرين باغتصابهم و اذا شكلك لم يعجب البية المأمور فانة بعد ضربك و عمل اللازم يحضر بمن يعتدى عليك جنسيا ليلا فى الحمام الملحق بغرفة الحجز أو فى مكتبة و هو بيتفرج

اذا صادفت أى واقعة تمس الأمن القومى و أديت واجبك نحو وطنك بالابلاغ عنها لمباحث أمن الدولة أو المخابرات العامة أو الحربية فان البهوات الضباط سيشكرونك على وطنيتك و يطلبون منك كتابة كل التفاصيل مهما كانت فى ورق فلوسكاب من الحجم الكبير يصرفونة لك و بعد أن تفرغ من كتابة البلاغ التفصيلى سيأخذة منك الضباط و يقولون لك بأنك متهم بارتكاب الجريمة التى ذهبت بمحض ارادتك للابلاغ عنها و بأن ما كتبتة فى الورق الفلوسكاب هى اعترافاتك التفصيلية و بأنك كنت تحت المراقبة منذ الوهلة الأولى و سيتم احالتك محبوسا الى المحاكمة التى غالبا ما ستكون عسكرية و قد يحكم عليك بالاعدام

وزير الداخلية و مدير و ضباط مكافحة المخدرات تصرف لهم رواتب مجزية جدا من كبار تجار المخدرات مثل عائلة محمد منصور و عائلة عفت السادات و عائلة قوتة و غيرهم. النبوى اسماعيل على سبيل المثال عندما خرج من الوزارة كانت المبالغ المتجمعة التى أودعت باسمة بأحد البنوك السويسرية 55 مليون دولار

6- فساد متنوع

اذا اردت أن تكسب أى دعوى قضائية فعليك أن تدفع للقاضى و لا يهم ان كنت ظالما أو مظلوما

أعطى ابنك درسا خصوصيا بالجامعة لكى ينجح و لرئيس القسم لكى ينجح بتفوق

الشئ لزوم الشئ: كتب الوزارة مكتوبة عمدا باسلوب لا تستطيع معة فهمها فما بالك بابنك حتى تضطر الى شراء كتب خارجية و اعطاء ابنك دروس خصوصى . قانون الجمارك معقد جدا لكى تضطر الى الاستعانة بمستخلص يستطيع التفاهم مع رجال الجمارك و دفع المعلوم لهم لتخفيض قيمة الجمارك المستحقة عليك أو لمجرد تجنب رفعها بصورة مبالغ فيها

مأمور الضرائب سيهدر دفاترك مهما كانت سليمة و سيبالغ فى تقديرة الجزافى للضرائب الواجب عليك دفعها لكى يبتزك و يضطرك الى دفع المعلوم مقابل تخفيض مبلغ الضرائب المستحق عليك

الترقية و النقل بالمصالح و الهيئات الحكومية بثمن الذى قد يكون فى شكل هدية ثمينة أو مبلغ من المال أو علاقة جنسية. مأمور ضرائب المطرية دفع الى رئيس مصلحة الضرائب 300000 جنية ثمنا لنقلة ليكون مأمور ضرائب مصر الجديدة. مذيعات ماسبيرو يدفعن رشاوى جنسية للترقى أو للنقل و من فقدت جمالها بفعل عامل الزمن أو التخمة مسموح لها بتقديم الصغيرة الممشوقة

موظفى قناة السويس و الجمارك و ضباط المسطحات و العاملين بالهيئات المتصل عملها بقناة السويس يمرغون اسم و سمعة مصر فى الوحل اذ انهم يبتزون الأموال و السجائر و الخمور من كل باخرة تعبر قناة السويس و عبارة جيفيت باكشيش لم تأتى من فراغ

موظفى الأحياء و الحكم المحلى الأكثر فسادا لا يؤدون واجباتهم الوظيفية الا بمعلوم و يؤدون أعمال غير قانونية بمعلوم أكبر. مخالفة الارتفاعات بدءا من 100000 جنية. ادخال مرافق و خدمات فى عقار مخالف 50000 جنية. عمل محاضر مخالفات كيدية لجيرانك من 5000 جنية. التغاضى عن البروز من 50000 جنية. يتم الاتفاق على خلاف ذلك من أعمال

اسعار متنوعة: شهادة طبية حسب الطلب بدءا من 200 جنية. شهادة اعفاء من الخدمة العسكرية 10000جنية. شهادة زور بدءا من 200 جنية. شهادة دكتوراة 5000 جنية. رخصة قيادة بدون اختبار 200 جنية. فيش و تشبية حسب الطلب 1000 جنية. شهادة مخالصة من الضرائب 500 جنية. تغيير فى الوقائع و الأقوال فى محاضر الضبط و التحقيق بدءا من 1000 جنية

 
Leave a comment

Posted by on February 24, 2010 in Egypt

 

مصر على حافه البركان

لست أملك عين زرقاء اليمامة ، وإن كنت أثق أن مصر ذاهبة إالى بركان ، ذاهبة إلى انفجار اجتماعى خطر بتكلفة دم ودمار لا يريدها أحد. نعم ، مصر ذاهبة إلى إنفجار حقيقى ، وبأكثر مما جرى فى حريق القاهرة قبيل ثورة 1952 ، وبأعنف مما جرى فى انتفاضة 18 و 19 يناير قبل ثلاثين سنة ، فالهدوء الظاهر على السطح قد يغرى بتوقع الاتصال فى الركود ، الهدوء المنبسط كصفحة النيل قد يوحى بتأجيل متكرر لمواسم الفيضان ، مصر على السطح قد تبدو ميته وجثة طافية ، لكنها فى العمق الاجتماعى تغلى ، ومواعيد الغضب تتوالى نذرها ، فالبلد “فى قلبها دمّل” ، وقد امتلأ قلب مصر بالصديد ، امتلأ قلبها بصديد النهب العام ، وتوجع قلبها بصديد الكبت العام ، ونزلت مصر – بغالب أهلها – إلى ما تحت خط القهر والفقر والمرض ، واجتمع الشعور بالذل الوطنى إلى الإحساس بالسخط الاجتماعى ، واقتربت لحظة الخطر ، أو قل أنها توشك.دعاوى الإصلاح السياسى انتهت إلى انسداد سياسى ، انتهت إلى وضع البلد كله فى جراج الرئاسة ، فالسياسة – بتداعى الأحزاب – انتهت إلى جنازة ، وتزوير الانتخابات أصبح قانونا ساريا بتعديلات الدستور الأخيرة ، فقد انتقل الإشراف العملى على الإنتخابات إلى ضباط الشرطة بدلا عن القضاة ذوى الحصانة ، والانتخابات العامة دخلت سلك التعيينات ، ونقابات العمال وضعت تحت يد الأمن ، واتحادات الطلاب يجرى تشكليها بمعرفة الحرس الجامعى ، والنقابات المهنية انتهت – فى أغلبها – إلى التجميد منذ صدور القانون 100 أواسط التسعينيات ، وقانون الطوارىء تحول – بالتعديلات الدستوريه إياها – إلى دستور دائم ، وعدد المعتقلين يفوق – بتقديرات شبه رسمية – رقم الـ 25 ألفا ، والنظام القائم تحول إلى كيان معلق فى هواء كإنسان ابن سينا الإفتراضى ، ولا تكاد تربطه بقاع المجتمع سوى عصا أمنية متضخمة متورمة ، مجرد كيان معلق يستند إلى عصا الأمن ، ويبدو كالنبى سليمان حين مات ، وهو يستند إلى عصاه ، ولم يلحظ أحد أنه مات إلا حين نخر النمل العصا ، فقد مات النظام سياسيا ، ولم تعد إلا العصا تنتظر جيوش النمل فى انفجار يستعجل أوانه ، لقد بنى عبد الناصر سدا عاليا يحجز عن مصر خطر الغرق فى فيضان الماء ، وبنى السادات – ومن بعده مبارك – سدا أمنيا عاليا  -السادات له انجازاته ولكنه بشر يخطئ و يصيب – ، ومما له مغزى أن التضخيم فى العصا الأمنية بدا مطردا بالذات عقب انتفاضة 1977 ، فقد بدأ من وقتها تضخيم جهاز الأمن المركزى وقوات الداخلية خصما من حساب الدور السياسى للجيش ، وانتهينا – بالإحصاءات الرسمية – إلى 850 ألف ضابط وشرطى وموظف فى وزارة الداخلية ، أضف : 450 ألفا من قوات الأمن المركزى ، أضف: 400 ألف مخبر سرى ، والمجموع: مليون و 700 ألف ضابط وجندى ومخبر، وهو ما يعنى أنهم وضعوا – بتقديرات الباحث عبد الخالق فاروق – عسكريا مقابل كل 37 مواطن مصرى ، وهى نسبة قمع تقترب من ضعف مثيلتها فى إيران زمن الأيام الأخيره للشاه ، كانت النسبة الإيرانية عسكريا لكل سبعين مواطن ، ويعكس التضخم الأمنى المفرط إحساسا بالغرائز بدنو النهاية ، فقد تآكلت القاعدة الاجتماعية للنظام إلى حد التلاشى ، ونسب التصويت فى الانتخابات والاستفتاءات تعكس الصورة ، فقد أدار الناس ظهرهم لألعاب النظام ، وتدنت نسبة التصويت الفعلى فى الاستفتاء الأخير على تعديلات الدستور – 27 مارس 2007 – إلى 4% ، وهى نسبة التصويت الحقيقى ذاتها فى الاستفتاء على التعديل الرئاسى للمادة 76 ، والمحصلة: أن تغيير النظام لم يعد ممكنا بسياسة الإقناع ولا بسياسة الانتخابات ، فقد انتهى الوضع لاعتبار الشعب المصرى هو العدو الأول للنظام المصرى ، وانتهت شهوة شفط الثروة وتركيز السلطة – عائليا – إلى ماهو أسوأ ، انتهت إلى تجاهل المؤسسة العسكرية ، والخصم من دورها فى حساب السياسة ، عادت الشعب ، وتجاهلت المؤسسة ، انتهت بمصر كلها إلى مجرد عزبة حكر على العائلة ، رهنت الحاضر لمبارك الأب ، وارتهنت بالمستقبل لصالح العائلة ، وتأبيد حكمها – بعد التمديد – بتعديلات الانقلاب على الدستور وتعديلات النظام الداخلى فى المؤتمر الأخير للحزب الحاكم (!).والأخطر أن الانسداد السياسى جرى مصحوبا بدفع المصريين – فى غالبهم – إلى جحيم اجتماعى حقيقى ، فلسنا بصدد نظام ديكتاتورى يتحكم – فقط – بالسياسة ، ويعوض عن تغييب الحريات العامة بتقدم فى الاقتصاد ، بل الصورة كلها فيها ملامح المأساة ، وتؤكد أننا انتهينا إلى انحطاط تاريخى عام ، وإلى مايشبه الخروج من التاريخ بالجملة ، فلم يكن الذى جرى فى مصر – بعد انتفاضة 1977 – انتقالا من تجربة إلى تجربة ، بل الذى جرى هو انتقال من تجربة إلى “هدد” ، ومن نظام إلى حطام اقتصادى وسياسى ، ومن دور فى القيادة إلى دور بالقوادة بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل فى 26 مارس 1979 ، قبلها كانت تجربة مصر الكبرى باهرة فى التنمية والتصنيع ، كانت مصر تحقق – بأرقام البنك الدولى – أكبر معدلات التنمية فى العالم الذى كان ثالثا ، كانت معدلات النمو الحقيقى تجرى بمتوسط قدره 6.7% سنويا بين عامى 1956 و 1966 ، وتراجعت معدلات النمو قليلا بعد هزيمة يونيو 1967 ، ودفع غالب الموارد للمجهود الحربى ، لكن معدلات التنمية ظلت مطردة على أى حال ، حققت مصر بين عامى 1967 – 1969 معدل نمو بمتوسط قدره 4% سنويا ، وبين عامى 1969 و 1973 تزايد المعدل فى المتوسط إلى 5.19% سنويا ،كانت مصر – فى سباق التاريخ – تنافس كوريا الجنوبية فى معدلات التنمية والتقدم والتصنيع والاختراق التكنولوجى ، وبعد حرب أكتوبر 1973 لم تتراجع معدلات التنمية ، وإن جاءت هذه المرة مثقلة بالديون ، فقد ارتفع معدل النمو بين عامى 1974 و 1979 إلى 10.94% سنويا ، لم تكن ديون مصر حتى رحيل عبد الناصر تجاوز المليارى دولار ، وبعد حرب 1973 وإلى 1976 تلقت مصر مساعدات عربية وصلت إلى 6354 مليون دولار ، وكانت نسبة 57% من هذا الرقم فى صورة هبات ومنح لا ترد ، لكن باب الاستدانة كان قد فتح على مصراعيه ، وتلقت مصر تمويلا من مؤسسات عربية لتغطية العجز فى الميزان التجارى – مع انفتاح السداح مداح – زاد عن 6216 مليون دولار ، وبين عامى 1978 و 1981 تلقت مصر قروضا أمريكية لشراء أغذية وسلع ، وقبل أن يجرى التحول إلى نظام المعونة المتصل إلى الآن ، أى أن الرواج الاقتصادى بعد 1977 وإلى نهاية عصر السادات كان مصنوعا فى غالبه ، انتهينا لاقتصاد مرهق بثقل الديون ، أريد بالإغراق فى الديون أن تغرق السياسة ، غير أن الصورة لم تكن بلغت بعد حد الخطر ، كان توسع القطاع العام وتشغيل الخريجين يحفظ الأمن على جبهة الاقتصاد والمجتمع ، بعدها انحطت معدلات النمو بشدة بين عامى 1980 و 1992 ، حيث لم تزد نسبة النمو فى المتوسط عن 1.8% سنويا ، وتواصل التراجع بمعدلات النمو إلى الآن ، وباستثناء العامين الأخيرين ، ولأسباب تتصل بموارد طارئة من حملة بيع الأصول وعوائد السياحة المنتعشة والزيادة فى أسعار تصدير البترول ورسوم المرور فى قناة السويس ، وكلها موارد ريعية تضيع مع غيرها فى استيراد منتجات البترول والقمح الذى تعد مصر الآن مستورده الأول فى العالم كله، ولاتضيف لأصول اقتصاد وصلت ديونة الداخلية والخارجية إلى 700 مليار جنيه ، وقد كانت آثار تراجع الإقتصاد مدمرة لحيوية المجتمع ، كانت نسبة البطالة لا تزيد عام 1981 – وقت تولى مبارك – عن 3% ، بينما بلغت نسبة البطالة الآن – بأرقام البنك الدولى – 30% من قوة العمل المقدرة بـ 26.7 مليون شخص ، وتتزايد أرقام العاطلين بعدد يصل إلى 1.5 مليون شخص سنويا ، أضف: موجات إثر موجات من تسريح العاملين بالمعاش المبكر وغيره ، فقد كان عدد العاملين بالقطاع العام قبل 1991 يصل إلى مليون و 13 ألف عامل وموظف ، وانتهى – بحسب تصريحات أخيرة لأحمد نظيف رئيس الوزراء – إلى 320 ألف عامل وموظف لا غير ، ورغم تضخم حجم الجهاز الحكومى ، ووصول عدد العاملين به إلى ستة ملايين موظف ، خمسة ملايين ونصف المليون فى وظائف دائمة ، ونصف مليون فى وظائف مؤقتة ، فإن المتوسط العام للأجور يزيد قليلا عن 300 جنيه شهريا للموظف ، أى أن الموظفين – فى غالبهم الساحق – نزلوا إلى ما تحت خط الفقر الدولى المقدر بدولارين فى اليوم ، وتقول الأرقام الرسمية أن 34% من المصريين تحت خط الفقر ، والرقم رغم أنه مفزع ، إلا أنه خادع لزوم تحسين الصورة ، فثلثا المصريين – على الأقل – تحت خط الفقر بالدخول الرسمية المشروعة إن وجدت ، وكما تتلاعب الحكومة بأرقام الفقراء ، يجرى التلاعب أيضا برقم أطفال الشوارع ، الرقم الرسمى مليون طفل ، والتقديرات المستقلة تصل بالرقم إلى ثلاثة ملايين ، وتصل حدة الفقر والبؤس إلى منتهاها بشيوع ظاهرة العنوسة والإضراب الإجبارى عن الزواج ، قثد بلغ عدد الشبان والشابات الذين تخطوا سن الزواج – دون زواج – إلى عشرة ملايين تقريبا بالأرقام الرسمية ، والتقديرات غير الرسمية تصل بالرقم إلى 13.5 مليون شخص ، أضف أن 45.9 % من سكان القاهرة – ذات الـ 16 مليونا – يقيمون فى المقابر والعشوائيات ، أضف: تفشى الأمراض الخطرة إلى حد تحولت معه مصر إلى مستشفى مفتوح بلا رعاية ولا أسرة ولا علاج مضمون ، أمراض السرطان والفشل الكلوى توحشت ، ووصل عدد ضحاياها إلى الملايين ، ومصر هى الأولى على العالم كله فى مرض الالتهاب الكبدى الوبائى (فيروس سى) ، عدد المصابين بالتهاب الكبد الوبائى وسرطان الكبد تصل بهم تقديرات الحكومة إلى حوالى عشرة ملايين ، ويزيد الرقم – عند المصادر المستقلة – إلى 13 مليونا ، وهم 30% من عدد المصابين بالمرض القاتل فى الدنيا كلها ، أى أن مصر – باختصار – تحولت إلى بلد فقير ومريض وعانس بغالب سكانه ، ولم تعد بطولة البقاء على قيد الحياة ممكنة بغير الرشوة والتسول والفساد وعمليات الاقتصاد الأسود ، ولم تعد من قيمة للعمل إن وجد ، فحتى نهاية الستينيات كانت عوائد العمل تكاد تساوى عوائد التملك فى الناتج القومى الإجمالى ، ثم تدنت عوائد العمل (الأجور) الآن إلى أقل من ربع الناتج الإجمالى ، ولم يزد متوسط الدخل الفردى الحقيقى فى عام 1994 عن مثيله فى العام 1965 ، وتدهور الوضع الآن إلى الأسوأ ، أحمد السيد النجار – الباحث الاقتصادى اللامع – يقدم مثالا يلخص الصورة كلها ، ففى عام 1977 كان الخريج الجديد يعين براتب شهرى قدرة فى المتوسط 17 جنيها ، كان الدولار وقتها يساوى أربعين قرشا مصريا ، وكان الراتب وقتها يكفى لشراء 35 كيلو لحما ، وبعد ثلاثين سنة من عمل الخريج وترقيه الوظيفى ماذا حدث ؟ ، يصل راتب الشخص نفسه إلى 560 جنيها الآن ، وهى لا تكاد تكفى لشراء 18 كيلو لحما ، أى أن متوسط الدخل الحقيقى للشخص نفسه – مع اقترابه من سن المعاش – يساوى نصف دخله الحقيقى وقت تخرجه من الجامعة ، ولا يعنى ذلك – بالطبع – أن ثروة مصر إجمالا لم تزد ، فقد تدفقت إلى مصر فى هذه الفترة موارد مالية غير مسبوقة ، بلغت الموارد المالية فى جملتها ما يزيد عن 200 مليار دولار ، بينها 56 مليار دولار من المعونة الأمريكية ، وما يزيد عن 120 مليار دولار من عوائد عمل المصريين فى الخارج ، لكن شهوة النهب العام شفطت غالب الموارد ، وتركزت الثروة – إلى حدود فلكية – فى يد القلة بالقرب من بيت السلطان ، تقرير لمجلس الشورى – صدر سنة 1994 – ذكر أن 14% من المصريين يحصلون على 74% من الدخل القومى ، وأن 86% من المصريين يحصلون على 26% فقط ، وقد صارت الصورة أسوأ بكثير الآن ، ففى تحليله لخرائط الناهبين الجدد ، يقول العالم المصرى المرموق د.رشدى سعيد – فى كتابه “الحقيقة والوهم فى الواقع المصرى” – أن 2% من المصريين يحصلون على 40% من إجمالى الدخل القومى ، وهؤلاء مجرد جماعة كومبرادور طفيلية فاسدة ، ويعملون بتجارة الاستيراد والأراضى والعمولات والمقاولات والتوكيلات التجارية والنصب والتهليب ، ويطلق رشدى سعيد على هؤلاء تسمية “كتلة البشر الطافيه” ، بينما ينزل بما يقارب 90% من المصريين إلى “كتلة البشر الغاطسة” ، أضف: ما جرى من شفط الثروة باحتكارات الكبار المليارديرات ، أضف: ما جرى بنزح ثروة مصر بالهروب إلى الخارج ، د.عزيز صدقى – رئيس الوزراء الأسبق – يقدر حجم الأموال الهاربة بأكثر من 200 مليار دولار ، أضف: النهب العام بالخصخصة – أو المصمصة – على الطريقة المصرية ، كانت قيمة القطاع العام المراد بيعه أوائل التسعينيات – بالتقديرات الرسمية – تصل إلى 500 مليار جنيه ، ولم تزد قيمة العائد من بيعه عن 35 مليار جنيه ، أى أن إهدار المال العام – فى بيع القطاع العام – بلغ ما يصل إلى 465 مليار جنيه فقط لا غير ، أضف: ما يزيد عن 45 مليار جنيه – بالأرقام الرسمية – جرى نهبها كقروض لم ترد إلى البنوك العامة (!).هذه بعض ملامح الصورة المفزعة ، وخلاصتها: أن الطبقة الوسطى تآكلت بشدة ، جرى تجريفها سياسيا بالقمع الأمنى المتصل ، وجرى الإنزلاق بها اقتصاديا – فى غالب أقسامها – إلى ما تحت خط الفقر ، وربما يفسر ذلك ضعف وتآكل النشاط السياسى ، فقد كف ماء المجتمع عن التدفق إلى عروق السياسة ، وبدت صورة الشعب المصرى – فى غالبه – كأنه المدهوس تحت عجلات قطار لا يرحم ، بدت مصر كبلد جرى تجريف حيويته ، كانت حيوية المجتمع طافرة بين عامى 1968 و 1977 رغم القبضة الأمنية ، كانت المظاهرات والإضرابات غير مسموح بها قانونا ، لكن المظاهرات – بمئات الآلاف – كانت تتوالى كموج البحر وصولا لانتفاضة يناير 1977 ، بعدها تحول المجتمع – وبالتدريج – إلى ما يشبه الغبار البشرى الآن ، لم نعد مجتمعا بل محطة أتوبيس ، فقد شهدت مصر هجرتها الكبرى ، هجرة إلى خارج حدود الجغرافيا بحثا عن الرزق ، وهجرة إلى خارج حدود الدنيا – الفانية(!) – بظاهرة العودة الدينية ، تحول غالب الناس إلى مستحقين لطلب الزكاة ، ولم تعد السياسة عندهم سوى مواسم لاستحصال المنحة ، فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة (أواخر 2005) كانت الصورة كاشفة لخواء فى العمق ، حصلت جماعة الإخوان على 20% من الأصوات ، وحصلت جماعة النهب العام على 40% من الأصوات ، فقد دفع الإخوان منح الزكاة بالتقسيط فى صورة مستوصفات وجمعيات خير وزوايا تكافل اجتماعى ، فيما كانت جماعة النهب العام جاهزة للدفع نقدا وشراء الأصوات بأعلى سعر ، ولم تخل الصورة – مع تواضع نسب المشاركة – من تصويت احتجاجى ، غير أن مواسم الاحتجاج الحقيقى بدت مدفوعة للظهور باعتبارات أخرى ، فظاهرة الهروب للخارج سدت عليها الطرق ، وكان لحصارالعراق فغزوه – بالذات – أثره الدرامى ، فقد كان العراق يستقبل النسبة الأكبر من العاملين المصريين فى الخارج ، عاد الملايين – بالجبر – إلى البؤس مجددا ، وتصاحبت ظاهرة العودة الجبرية مع تفاقم ظواهر البطالة والمرض والفقر بالداخل المصرى ، كان ذلك – وغيره – دوافع اجتماعية ظاهرة لموجة احتجاج سياسى على السطح ، أضف: زيادة نسبة التمرد – بنقد الرئيس شخصيا – فى صحف معارضة ومستقلة ، وهكذا تكونت نواة احتجاج سياسى غير مسبوق فى طبيعته على مدى الثلاثين سنة الأخيرة ، كان المشهد الأول : مظاهرة ميدان التحرير فى 20 و 21 مارس 2003 ، كانت صواريخ “كروز” تسقط على رأس بغداد أول أيام الغزو ، وكانت أصوات الاحتجاج الصاخب فى القاهرة تمتد باللعنه من بوش إلى رأس مبارك الأب وابنه الوريث ، بعدها ظهرت حركة “كفاية” فى سبتمبر 2004 ، ونظمت أولى مظاهراتها فى 12 ديسمبر 2004 ، وانتقل التمرد – على طريقة كفايه – لأوساط القضاة وأساتذة الجامعات ، بدا التنظيم الذاتى للاحتجاج السياسى ضعيفا ورمزيا ، فخطوط المواصلات ليست سالكة إلى العمق الاجتماعى ، والمجتمع لا يتفهم – بطبائع القهر والفقر – لغة السياسة الكلية ، بدا أن ظاهرة الاحتجاج السياسى تصعد وتهبط ، وينتابها الإحساس باليأس ، لكن عدوى التمرد وكسر حواجز الخوف سرعان ما انتقلت إلى العمق ، وبتأثير متزايد لقطاع الصحافة الحرة ، وبدءا من ديسمبر 2006 وإلى الآن ، تدافعت ظواهر احتجاج اجتماعى مطرد ، إضرابات متوالية للعمال والموظفيين ، واتساع ظواهر التمرد الاجتماعى من العريش شرقا إلى البرلس فى الغرب ، وتحول التظاهر والإضراب إلى ما يشبه الرياضة الشعبية اليومية ، تبدو مصر وكأنها تستعيد حاسة النطق ، تبدو الاحتجاجات إلى الآن مسقوفة بمطالب جزئية ، وتبدو متناثره مفرقة على خريطة الجغرافيا المصرية ، تبدو كأنها تدريبات إحماء متصله إلى يوم العرض الجامع ، تبدو مصر كمخزون غضب ينتظر شرارة التفجير، غضب لايعرف طريقه بالسياسة وبالوعى المضاف ، لكنه ـ فيما يبدو ـ يعرف طريقه بروح انتقام اجتماعى لاتقف عند حدود ، فاضبط ساعتك على اللحظة الموعودة ، اضبط ساعتك على واحد من ميعادين ، إما رفع الدعم على السلع ، أو موت مبارك ، ولا تسألنى ـ من فضلك ـ عن أى الفضلين اقرب ؟!.إنه البركان الذى ينتظرنا عند ناصية التاريخ المقبل .

 
Leave a comment

Posted by on February 21, 2010 in Egypt