انتشر على نطاق واسع عبر شبكة الإنترنت فيديو لقاء الرئيس مرسي مع منتخب الشباب الذي أحرز بطولة أمم إفريقيا في الجزائر، وهو يقول إن الشباب لا يُرد لهم طلب إذا كانوا “بيجيبوا جوان” ثم يضيف مازحًا: “مش برضه الكرة جوان”!
بعد اجتيازه بمهارة كل الأزمات الخطيرة التي واجهته منذ اعتلائه كرسي الحكم، تأكد أنه مهاجم بارع يجيد المرور بكرات من نوع السهل الممتنع، يصل بها إلى المرمى من أقصر الطرق، ويسجل في اللحظات الحاسمة هدف الفوز.
إنه مبروك مثل أبو تريكة.. لكنه ذكي مثله.. تظنه لن يفعل شيئًا وقد تفتش عنه طوال المباراة فتتساءل عن سر اختفائه.. فإذا به يفاجئك بهدف قاتل أو بتسجيل ضربة جزاء في الدقيقة 88 قد تصل بنا للمرة الثالثة في تاريخنا إلى كأس العالم.. ويبدو أن مرسي لاعب السياسة الماهر سيحقق بنا نجاح التجربة الديمقراطية لأول مرة منذ 60 عامًا إن شاء الله بعد عبوره كل المطبات الصعبة التي اعترضته حتى الآن.
عندما اندلعت المظاهرات والاحتجاجات الغاضبة من الإعلان الدستوري الذي حصن قرراته وأقال النائب العام المباركي، وأوقف به الهجمات المرتدة التي قد يشنها القضاء المتربص.. توقعنا أن مرسي ساقط لا محالة لاسيما بعد أن بشرت فضائيات الفتنة باقتحام المتظاهرين لقصر الاتحادية وهروبه من الباب الخلفي!
لكنه تجاوز بلعبة واحدة كل ألاعيبهم.. رواغ كل من تحلق حوله وانطلق بسرعة ليسجل “جون” فأحبط الذين راهنوا على انتهاء المباراة لصالحهم..
لم ييأسوا.. قال كبراؤهم وحريفتهم إن ذكرى 25 يناير الماضي هي الثورة الثانية التي ستخلع مرسي جهزوا لذلك اليوم وما يليه الأموال التي جيشت البلطجية وأطفال الشوارع.. وتحالفوا مع أصدقاء نظام مبارك من أنصار شفيق وجماعة “آسفين يا ريس” ورجال أعمال النظام السابق بكل ثرواتهم.
وجاءهم يوم 26 يناير في توقيت سحري للتسجيل.. بصدور أحكام مجزرة استاد بورسعيد.. فقد اندلعت المظاهرات الغاضبة في المدينة الباسلة.. وجدوها فرصة لصب البنزين على النار واختلاط الحابل بالنابل بالدعوة للعصيان المدني وتوسيع احتجاجات المولوتوف لتشمل الإسماعيلية والسويس والمحلة التي تولى أمرها حمدي الفخراني والمنصور والإسكندرية.
حينها رددت فضائياتهم أن مرسي سيعتزل.. سينهي تعاقده مع الشعب.. فالمظاهرات العنيفة التي تغير أماكنها بسرعة ولم تعد قاصرة على شارع محمد محمود أو القصر العيني أو كوبري قصر النيل ستصيبه بالرباط الصليبي الذي أجبر عددا من أفضل لاعبي مصر على الاعتزال المبكر!
الغريبة أنه بقي قويًا صامدًا قادرًا على تسجيل “الجوان” – جمع جون – فيما أصيبوا هم بالرباط الصليبي… انتهت هجماتهم على “فاشوش”.. لم يسجلوا من العصيان المدني ولا من هوجة التوكيلات للسيسي.. كله ذهب أدراج الرياح.. لا حس ولا خبر.
طلعاته الخارجية لم توقفها أزمات الداخل.. حقق توازنًا في علاقاتنا الدولية.. انفتح على بلاد كالهند وباكستان وروسيا والصين انغلقت عنها مصر عقودًا في الماضي مكتفية بوضع كل البيض في سلة واشنطن.
هناك “جوان” كثيرة يسجلها مرسي فيما معارضوه منشغلون بهجماتهم التي تنكسر داخل منطقة الجزاء أو تذهب إلى “الآوت”، مصر لأول مرة منذ سنوات طويلة تلجأ إلى القمح المحلي لسد جزء كبير من حاجتها، هذا العام قد يصل المورد منه إلى الدولة معدلًا قياسيًا يقدر بأربعة ملايين طن، سيدخل جيوب الفلاحين منه 11 مليار جنيه لن تذهب خارج مصر.
العواجيز يتذكرون زمن الذهب الأبيض – القطن طول التيلة – عندما كانت مصر تنتجه وتبيعه من حقوله مباشرة إلى الغرب..
يجري حاليًا إعادة ذلك الفارس الذي ترجل بفعل ممارسات النظام السابق.. في دمياط تم زرع 8237 فدانًا من القطن جيزة 92 لأول مرة في مصر منذ عقود، وهو قطن فائق الطول والنعومة والمتانة، وكما كان يحدث في العصر الملكي، فقد تم التعاقد على تصديره مباشرة من الحقول إلى السوق العالمي.
لمن سيقلل من أهمية هذه الخطوة.. نرد عليه بأن الحكومات المصرية توقفت عن إنتاج هذا النوع الغالي جدًا من القطن خضوعًا لاتفاقية الكويز التي وقعتها مع إسرائيل، واكتفت بزراعة الأصناف قصيرة التيلة لخدمة رجال الأعمال مستوردي المنسوجات الخارجية التي تشترط “الكويز” أن تشتمل على 11% من المكونات الإسرائيلية.
خلال الفترة الأخيرة يجرى عمل جدي لإحياء شركة النصر للسيارات المقامة على 114 فدانًا، والتي تأسست عام 1960 وحققت ريادة لمصر في ذلك المجال حين كان يعمل فيه 13 ألف عامل، جرى تصفيتهم وتصفية تلك الصناعة الوطنية لصالح حفنة من رجال الأعمال أسسوا مصانع تجميع لبعض الموديلات الخارجية، تلك الشركة صنعت أول سيارة مصرية، لكنها صفيت وأغلقت في أواخر عصر مبارك كسائر الصناعات الوطنية التي اجتاحتها خصخصة الفساد.
مرسي بإحياء هذه الشركة يسجل “جون” آخر يبرهن على أنه لا يحمل أي مرارات للزمن الناصري بدليل اتجاهه لإحياء هذه الشركة الرائدة التي أسسها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وما تزال تحمل صورته ونصبًا تذكاريًا له.
رغم كل مشاهد الرعب التي تصدرها فضائيات رجال الأعمال إلى الخارج لتخويفهم من زيارة مصر، زاد عدد السائحين خلال الثمانية أشهر الماضية بنسبة 10%.. (8 ملايين سائح) وبلغ الإيراد 7.6 مليار دولار. في عام 2010 في عز الأمن والأمان والسيطرة الشرطية كان العدد خلال 12 شهرًا 14.7 مليون سائح.
في شهر فبراير الماضي.. شهر الحرائق والمولوتوف والعصيان المدني بلغ عدد السياح 845 ألفًا بزيادة 12% عن فبراير من العام الماضي وقت حكم المجلس العسكري وبلغت الإيرادات مليار دولار بارتفاع 48.5%.