RSS

Monthly Archives: March 2013

مهنة فى خطر – فهمى هويدى

نشر فى : الأحد 31 مارس 2013 – 8:00 ص

يشكو لى بعض الشباب الصحفيين والصحفيات من الضغوط التى تمارس عليهم من جانب رؤسائهم فى الصحف الخاصة التى يعملون بها، حين يطالبونهم بالانحياز إلى طرف دون آخر فى تغطيتهم الإخبارية للأحداث التى تشهدها مصر. وهى ضغوط بدأت بالتلميح والإيحاء فى مرحلة، ثم أصبحت تمارس صراحة وعلنا فى الأشهر الأخيرة.

فى الأسبوع الماضى وحده زارنى سبعة من المحررين والمحررات، لا لكى يبثوا شكواهم فقط. ويسألونى رأيى فيما عليهم أن يفعلوه، ولكن أيضا لكى يعبروا عن حيرتهم ويبحثوا عن حل لمشكلة اتهامهم بأنهم من الإخوان لمجرد أنهم يحاولون أداء عملهم المهنى بصورة متوازنة وغير منحازة. وقد أكدوا إلى وأقسم أحدهم بالثلاثة على أنه لا علاقة له بالإخوان ولم يلتق أحدا منهم فى حياته.

سجلت خلاصة التوجهات التى تحدثوا عنها، ووجدت أنها تطالبهم بما يلى: التركيز على أن الإخوان معتدون وأن الآخرين ضحايا ــ تصوير اللافتات التى تندد بالرئيس مرسى وتتحدث عن حكم المرشد ــ التأكيد على عدم شرعية الرئيس وبطلان تعيين النائب العام ــ الإشارة المستمرة إلى بطلان الجمعية التأسيسية والتركيز على أن الدستور وضعه فصيل واحد ــ المبالغة فى نطاق مظاهرات الأقاليم وفى تقدير أعداد المشاركين فيها ــ التركيز على استحواذ الإخوان على السلطة وتغلغلهم فى مفاصل الدولة ــ اضطهاد الإخوان للأقباط وعداؤهم للمرأة ــ الإلحاح على وجود أزمة بين الرئاسة والجيش والمطالبة بنزول الجيش إلى الشوارع وتوليه للسلطة ــ وجود أزمة بين الإخوان والسلفيين ــ اتهام حماس بالتآمر على مصر والإعداد لتخريب المنشآت العامة فيها ــ الإلحاح على أن الأنفاق تمثل خطرا على مصر ومصدرا لتهريب السلاح إليها ــ الإصرار على أن حماس هى المسئولة عن قتل الـ16 ضابطا وجنديا مصريا فى رفح ــ تلميع قيادات جبهة الإنقاذ ومقاطعة قيادات الإخوان ــ إلى غير ذلك من الإشارات التى تصب فى مجرى تسييس الأخبار وتلوينها بحيث تعبئ القارئ لصالح اتجاه وتحرضه ضد اتجاه آخر.

حدثونى عن مناقشات أجروها مع بعض المسئولين عن الصحف حول أهمية التوازن فى عرض الرؤى والحياد فى تقديم الأخبار، ونقلوا لى قول أحد رؤساء التحرير إن الحياد ليس ممكنا فى المواجهة الراهنة،  وادعاؤه بأن ذلك موقف مثالى أكثر من اللازم يمكن احتماله فى بلد آخر وفى ظروف أخرى. وقد استغربت ما سمعت واعتبرته تقويضا لبديهيات نزاهة المهنة التى تؤكد على أهمية الحياد فى صياغة الأخبار وتقبل بالاجتهاد والاختلاف حين يتعلق الأمر بالرأى.

حدثونى أيضا عن أجيال المتدربين الذين يلتحقون بالصحف على أمل التعيين فيها، وكيف أنهم الأسرع فى الاستجابة للتعليمات لإرضاء المسئولين وإقناعهم بجدارتهم بالتعيين.

الأمر الذى يعنى تشويه وتدمير تلك الأجيال وهى فى المراحل الأولى للعمل.

أوقعنى الكلام الذى سمعت فى مأزق، لأننى أعرف ما يجب عمله فى هذه الحالة، على الأقل فيما خص ضرورة الانحياز إلى مبادئ المهنة وقيمها التى تحترم الخبر وترفض تسييسه والعبث فيه. إلا أننى أعرف أيضا أن ذلك له ثمنه الذى قد يكون باهظا. لذلك ظل السؤال الذى ظل يحيرنى هو ما إذا كان هؤلاء الشبان والفتيات الحالمون بصحافة نظيفة مستعدين لتحمل الثمن أم لا. إذا ما استمروا فى التمرد على تعليمات رؤسائهم. وقد صارحتهم بحيرتى وبموقفى الذى التزمت به وبخبرتى فى الأثمان التى يتعين على المرء أن يدفعها إذا أصر على أن يتمسك بقيم المهنة فضلا عن استقلال الرأى.

أشفقت عليهم من ضراوة الاستقطاب وتحول الصحف إلى منشورات سياسية تتبنى موقفا واحدا وتقول كلاما واحدا كل يوم. وكانت فى ذهنى طول الوقت التجربة الأخيرة لزميلنا الأستاذ أسامة غريب الكاتب المتميز الذى منع عموده اليومى فى إحدى الصحف «الليبرالية» لأنه لم يكن منحازا مائة فى المائة مع خط الجريدة التحريضى التى يعمل بها، فتوقف عن الكتابة ثم انتقل إلى منبر آخر احتمله مرة واحدة فى الأسبوع.

إننا لسنا بصدد محنة يعانى منها الجيل الجديد من الصحفيين فحسب، ولكننا بصدد خطر يهدد المهنة فى وطن تتناوشه المخاطر من كل صوب ويتراجع حلم ثورته يوما بعد يوم.

da2f311f-b6b4-4d23-8cbb-98b4e00d6972

 
Leave a comment

Posted by on March 31, 2013 in Egypt

 

كفكف دموعك وانسحب يا عنترة!

قصيدة ملحمية للشاعر المصري مصطفى الجزار،

Image

كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقدْ
سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة
ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتاً
فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرة
والسيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ
فقدَ الهُويّةَ والقُوى والسيطرة
فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها
واجعلْ لها مِن قاعِ صدرِكَ مقبرة
وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفاً!
وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الغرغرة
اكتبْ لها ما كنتَ تكتبُه لها
تحتَ الظلالِ، وفي الليالي المقمرة
يا دارَ عبلةَ بالعراقِ تكلّمي
هل أصبحَتْ جنّاتُ بابل مقفرة؟
هـل نَهْرُ عبلةَ تُستباحُ مِياهُهُ
وكلابُ أمريكا تُدنِّس كوثرَه؟
يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً
عبداً ذليلاً أسوداً ما أحقرَه
متطرِّفاً.. متخلِّفاً.. ومخالِفاً
نسبوا لكَ الإرهابَ صِرتَ مُعسكَرَه
عَبْسٌ تخلّت عنكَ.. هذا دأبُهم
حُمُرٌ ـ لَعمرُكَ ـ كلُّها مستنفِرَة
في الجاهليةِ..كنتَ وحدكَ قادراً
أن تهزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِرَه
لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهرَهُ
فالزحفُ موجٌ..والقنابلُ ممطرة
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ
بينَ الدويِّ وبينَ صرخةِ مُجبرَة
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
كيفَ الصمودُ؟ وأينَ أينَ المقدرة!
هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ
متأهبباتٍ..والقذائفَ مُشهَرَة
لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى
ولَصاحَ في وجهِ القطيعِ وحذَّرَه
يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم
مفتاحَ خيمتِهم، ومَدُّوا القنطرة
فأتى العدوُّ مُسلَّحاً، بشقاقِهم
ونفاقِهم ، وأقام فيهم مِنبرَه
ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم
فالعيشُ مُرٌّ.. والهزائمُ مُنكَرَة
هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها
مَن يقترفْ في حقّها شرّا..يَرَه
ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها
لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسرَه
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكناً
في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرة
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي
لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المحبرة
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُها
تترقَّبُ الجِسْرَ البعيدَ.. لِتَعبُرَه —
 
Leave a comment

Posted by on March 28, 2013 in Egypt

 

عبد العزيز مجاهد – لاتخبروهم

لا تخبروهم أن الشرطه عادت بكامل طاقتها إلى مدينة بورسعيد

لا تخبروهم أن مدينة بورسعيد التي راهنوا على انفصالها باتت خلية نحل لا تتوقف

وعادت فيها الحركة الى طبيعت

لا تخبروهم أن مشكلة السولار ستصير من التاريخ بعد توصل الحكومه المصرية الى اتفاق
مع ليبيا يوفر مليون لتر سولار شهريا دون اللجوء إلى أمراء الخليج وتحكماتهم

لا تخبروهم بأن الإحتياطي النقدي المصري زاد بمقدار 2 مليار دولار دفعة واحده بعد ايداع
ليبيا للمبلغ كوديعه في البنك المركزي

لا تخبروهم أن ما يزيد عن مليون فرصة عمل باتت متاحه أمام العماله المصرية في ليبيا

بعد انهاء مشكلة قذاف الدم

لا تخبروهم أن شركة الإستثمار العقاري فتحت الأبواب أمامها لتشارك في إعمار ليبيا والذي
رصد له مبلغ يزيد عن 400 مليار دولار

لا تخبروهم أن عشرات المناطق الصناعية التي بدأ العمل في بناءها بالفعل لم يتبقى |أمامها سوى بضعة أشهر لتبدأ العمل وتمتص نسبة كبيرة من العماله

لا تخبروهم أن مدينتي العلمين ووسط سيناء المليونيتين واللتين صدر بحقهما قرار جمهوري جرى البدء في وضع مخطط لهما وهو ما سيستوعب ملايين العمال في مجالات البناء والتعمير

لا تخبروهم أن موسم حصاد القمح السنوي الذي يحل بعد أيام من المتوقع وفقا لتقديرات وزارة الزراعه أن ينتج عنه محصول لم تخرجه أرض مصر من قبل

لا تخبروهم أن الجراد الذي تطيروا به مر على أرض مصر بردا وسلاما ولم يؤثر على محصولها

لا تخبروهم بأن مصانع السيارات في حلوان تفاوض كبرى الشركات لتصنيع سيارة مصرية 100% وأنه من المتوقع أن يكون العام المقبل هو العام الأول للسيارة المصرية المصنعه محليا

لا تخبروهم بقرار الرئيس بخفض التعريفه الجمركية على استيراد السيارات وهو ما سيؤثر على سعر السيارة للفرد

لا تخبروهم بأن منظومه جديده لتوزيع الوقود في طريقها للتركيب ستتمكن الحكومه بموجبها من مراقبة السوق بشكل كامل وتمنع التهريب بتاتا

لا تخبروهم بمئات وربما آلاف المخابز الأهليه التي تقدمت بطلبات لوزراة التموين حتى تدخل في منظومة الخبز الجديده

لا تخبروهم بتحسن مستوى النظافه في عدد من الأحياء وعلى رأسها حي جنوب القاهره بعد فسخ التعاقد مع الشركات القديمه وتحرير عقود مع شركات جديده

لا تخبروهم بآلاف الكوادر من أبناء هذة الثورة عملوا خلال الأشهر الماضيه في مناصب تنفيذية اكتسبوا منها الخبرة العملية وباتوا بديلا مناسبا لفلول دولة مبارك

لا تخبروهم عن ترسانه من الأسلحه في الجو والبحر والأرض دخلت الخدمه مؤخرا وهي أسلحه نوعيه في مقدمتها غواصات وطائرات وأنظمه صاروخية

لا تخبروهم بأي مما سبق فإعلامهم أعمى إلا عن المصائب والحوادث
لا تخبروهم فيكفيهم مراقبة الشعب المصري وهو يشب عن طوق نخبته ويختار كلما زار الصناديق أناس يحملون همه متصالحون مع هويتهملا تخبروهم واستمروا في حملتكم العبقريه !!

505712974_1af91a8cc2

 
Leave a comment

Posted by on March 25, 2013 in Egypt

 

رد أذى كلب ساويرس عن صلاح الدين

Saladin_green_dashinvaine

قال الشاعر:

إذا رضيت عني كرام عشيرتي .. فلا زال غضبانا عليّ لئامُها

والسلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي يحبه المسلمون -لا سيما المجاهدون- كما يحبه كل إنسان عرف معنى الأخلاقالرفيعة، فيما يكرهه الصليبيون إذ طردهم من بيت المقدسبعد تسعين سنة وقد ظنوا أنهم سيخلدون فيه، والشيعةالذين أنهى دولتهم بعد قرنين وقد ظنوها تمتد إلى يوم القيامة، والباطنية الذين كانوا طوال عمرهم سيفا في يد أعداء الدين وبابا إلى الكفر بالله وتحريف آياته..

فلئن رأيت هجوما على صلاح الدين فإنه موصول بأحد هذه الثلاثة: صليبية، شيعية، صوفية باطنية!

ولقد كان هؤلاء الثلاثة من خسة المنزلة بحيث فجروا في الخصومة بما لم يفعله أعداء صلاح الدين في زمنه، ففي ذلك الزمن أسلم كثيرون من الصليبيين لما رأوه من أخلاق صلاح الدين، ومن لم يسلم منهم شهد له بالفضل والسمو والمقام الرفيع، ولقد كان أكثرهم تعصبًا من ألف تاريخا يحاول فيه إلصاق صلاح الدين بالمسيحية فيختلق قصة حول أمه المسيحية أو حول اعتناقه المسيحية وهو على فراش الموت، وهي المحاولات التي أثارت سخرية المؤرخين الغربيين أنفسهم! ولكنهم أبصروا فيها مدى ما بلغه سحر صلاح الدين في النفوس.

يقول المثل المصري عن الجاهل المفسد “هبلة ومسكت طبلة”، ولكن مصر هذه الأيام أمسك فيها الطبال لا بطبلة بل بقناة اون تى فى لصاحبها المعروف بعدائه للإسلام وعلاقته بإسرائيل وتهربه من ضرائب بالمليارات.. ومعه في الجاهل الجهول الفاسد المفسد الضال المضلل يوسف الحسينى

http://www.youtube.com/watch?v=O14DsQ0lkKs

وإن حالهما يغني عن محاولة الرد عليهما، فالأمر كما قيل:

كم عالم متفضل قد سَبَّه .. من لا يساوي غرزة في نعله

ولكن اتخذناها فرصة للتذكير بمناقب صلاح الدين، وقد آثرنا أن نسكت لندع الحقيقة تتكلم، فنقلنا مناقب صلاح الدين عن مؤرخين غربيين شهدوا بالحق، والحق ما شهدت به الأعداء، ليعلم قومنا أن الذين تسلطوا على إعلامنا أشد علينا فجورا وخسة من أعدائنا.

“في عهد صلاح الدين الأيوبي في مصر تمتع المسيحيون بالسعادة إلى حد كبير في ظل ذلك الحاكم الذي عرف بالتسامح الديني، فقد خففت الضرائب التي كانت فرضت عليهم، وزال بعضها جملة، وملئوا الوظائف العامة؛ كوزراء، وكتاب، وصيارفة.

وفي عهد خلفاء صلاح الدين نعموا بمثل هذا التسامح والرعاية قرابة قرن من الزمان، ولم يكن هناك ما يشكون منه إلا ما اتصف به كهنتهم أنفسهم من الفساد والانحطاط، فقد فشت السيمونية بينهم، فبيعت مناصب القسيسين الذين اتصفوا بالجهل والرذيلة، على حين حيل بين الذين طلبوا التعيين وبين هذا المنصب المقدس؛ بعجزهم عن أداء الأموال المطلوبة في احتقار وازدراء، مع أنهم كانوا الجديرين بشغل هذا المنصب”

“يظهر أن أخلاق صلاح الدين الأيوبي وحياته التي انطوت على البطولة، قد أحدثت في أذهان المسيحيين في عصره تأثيرا سحريا خاصا، حتى إن نفرا من الفرسان المسيحيين قد بلغ من قوة انجذابهم إليه أن هجروا ديانتهم المسيحية، وهجروا قومهم وانضموا إلى المسلمين”

“لما غزا الصليبيون الأرض المقدسة سنة (1099م)، خلفوا وراءهم في كل مكان الموت والدمار، بيد أنه لما رد صلاح الدين الصليبيين على أعقابهم، لم يلجأ إلى وسائل الانتقام، ولم يخرب المسلمون الأماكن التي فتحوها، كما فعل المقاتلون الدينيون السابقون لهم من الممالك الأخرى، فأينما وضعوا أرجلهم نشأ شيء جديد أسمى وأفضل مما كان قبلا”

“لم يشأ السلطان صلاح الدين أن يفعل في الصليبيين مثل ما فعله الصليبيون الأولون من ضروب التوحش، فيبيد النصارى عن بكرة أبيهم؛ فقد اكتفى بفرض جزية طفيفة عليهم مانعا سلب شيء منهم” .

“حين تمكن صلاح الدين الأيوبي من استرداد بيت المقدس (583هـ=1187م) -التي كان الصليبيون قد انتزعوها من قبل (492هـ=1099م) بعد أن سفكوا دماء أهلها في مذبحة لا تدانيها مذبحة وحشية وقسوة- فإنه لم يسفك دم سكانها من النصارى انتقاما لسفك دم المسلمين، بل إنه شملهم بمروءته، وأسبغ عليهم من جوده ورحمته، ضاربا المثل في التخلق بروح الفروسية العالية، وعلى العكس من المسلمين، لم تعرف الفروسية النصرانية أي التزام خلقي تجاه كلمة الشرف أو الأسرى”.

“فترة الاضطراب هذه سوف تساعد على ظهور قائد مسلم، وهو رجل شديد التدين لن يتمتع بفكر مثل هارون الرشيد والمأمون، ولا الحاكم في القاهرة، أو عبد الرحمن الثالث في قرطبة، إلا أنه سيجسد نوعا من شرف الفروسية الإسلامية سيكون مثار انبهار الأوربيين، بل وسيدفعهم نبله هذا إلى العديد من المواقف المحرجة، فما كان منهم إلا التماس أن السبب وراء أخلاقه الرفيعة والكريمة ما هو إلا لأن لديه دماء أوربية تجري في عروقه، هذا الرجل هو صلاح الدين، ومثل هارون الرشيد، تجد القصص التي تحيط به لها طابع رومانسي وأسطوري، لكن رقيه الأساسي وحكمه الإنساني في الأمور المستفزة هو حقيقي ويقتدى به”.

“لقد أجمعت الآراء على أن صلاح الدين كان أنبل من اشترك في الحروب الصليبية” .

“كان في العادة شفيقا على الضعفاء، رحيما بالمغلوبين، يسمو على أعدائه في وفائه بوعده سموا جعل المؤرخين المسيحيين يعجبون كيف يخلق الدين الإسلامي -“الخاطئ” في ظنهم- رجلا يصل في العظمة إلى هذا الحد، وكان يعامل خدمه أرق معاملة، ويستمع بنفسه إلى مطالب الشعب جميعها، وكانت قيمة المال عنده لا تزيد على قيمة التراب، ولم يترك في خزانته الخاصة بعد موته إلا دينارا واحدا؛ وقد ترك لابنه قبل موته بزمن قليل وصية لا تسمو فوقها أية فلسفة مسيحية”.

“أثار العدو الأكبر صلاح الدين إعجابا واسع الانتشار بين الغربيين؛ فقد شن الحرب بإنسانية وفروسية، برغم قلة من بادلوه هذه المواقف… ووصل الأمر إلى حد أنه ظهرت في القرن الرابع عشر قصيدة طويلة جرى العرف على تسميتها “صلاح الدين” وأعيدت فيها صياغة حوادث الأساطير القديمة، وذلك لأن فارسا من هذا الطراز الرفيع يجب بالضرورة أن يصبح منتميا إلى الأسرة المسيحية، وهكذا قيل إن أمه هي الكونتيسة بونثيو التي تحطمت سفينتها على الساحل المصري، وأنه هو نفسه اعتنق المسيحية وهو على فراش الموت”.

ونختم بقول المتنبي الذي قد لا يفهمه الطبال المعاصر:

وكن كيف شِئت وقل ما تشاء .. وأرعد يمينا وأبرق شمالا
نجا بك عرضك منجى الذباب .. حمته مقاديره أن ينالا

 
Leave a comment

Posted by on March 23, 2013 in Egypt